دمعة في عمق الظلام .... طيب نعيم / السودان

    غريب إحساسي بالزمن، تمضي اللحظة فلا تعود أبداً، هكذا يمضي العمر، هكذا تموت اللحظات الحلوة كمشهد يخلف ذكرى وغصة في الحلق!

جلستُ قبالتَها وهي تضع ساقاً علي ساق .. وأي ساق؟ الليل جزء من زمن حالم بالتفاصيل، والفراق قدر محتوم لا مناص منه... قالت: فات الأوان وليتني عرفتُكَ قبله بيوم .. حينها لكنت أنت سيد هذا القلب .. هي تقتلني الآن ولكنها لا تعرف ذلك .. قالت: لم تكن في حياتي حينها وألف امرأة تتمناك، أسطوانة مشروخة .. الأكثر إيلاما من غرس الخنجر هو تحريكه في القلب بهدوء رتيب .. سأخرج الأن.. انتظر حتي يتوقف هطول المطر .. أقصد سأخرج من حياتك وهطول المطر لن يمنع ذلك .. ومطر يقطر بداخلي لن يتوقف لما بقي لي من عمر .. لا شيء في الوجود يعيد امرأة أحبت أخر .. وماذا كنتُ انا إذا؟ .. ضحك قلبي .. كنتَ صديقي وهو حبيبي .. هو حبيبك وأنتِ نحيبي .. تضع ساقا علي ساق .. شحاذ أنا يستجدي ابتسامة من ثغر يتدفق منه النور .. سأخرج الأن .. هل من عناق أخير؟ .. غريب هي التي تريد العناق ولا تخشى الاحتراق .. ستحترقين حبيبتي من نيران تجتاح مسامات صدري .. أبتسم الأن كمن لا يبالي، لن تري دمعة حزن علي عيني .. انسيني .. اسعدي بحبك فأنتِ تستحقين السعادة، وسأسعد بغفلة قلبي فهو يستحق التعاسة.. لا تقومي من مكانك فأنا أعرف اين باب الخروج .. لم يتوقف المطر .. دعيه فقد يغسل وجعي ..

بارد هواء الليل والطرقات مخنوقة بالصمت متشحة بالسواد .. ربما كان حبك مخبوءاً في تجويفة للقدر .. ألن تحتمي من المطر؟ .. أضواء بعيدة تلمع علي أسفلت الشارع .. المطر يغسل الدروب والأشجار والبيوت .. الخواء يملأ روحي .. الظلام في داخلي يلون ملامح إحساسي .. وداعاً إذن لكل وهم قديم .. من حق قلبها أن يختار .. ومن حق قلبي الرحيل المر ..

بعض من نحبهم يموتون ولا يدَ لنا في استرجاعهم .. ولكن دمعة وحيدة في عمق الظلام .. لا يمكننا منعها من الهطول ..

وداعا إذن ..