بعد انتهاء الحرب ... ليلى المغربي/ الأردن

بعد انتهاء الحرب لملم كل ما استحق من أوسمة وصور أصدقاء  قضوا بين يديه، كُل ما سَمع من قصصٍ وأمانٍ لما سيحصل بعد انتهاء ما يحدث من مهزلة 
حمل صورتها التي ثبتها على طرف معطفه الثقيل حيث كانت مصدر دفئه الوحيد ذلك الوقت ..
حملَ كل ما تبقى من قوةٍ وقرر أن يعود اليها ....

صورتها لم تفارق زجاج النافذة في حافلة العائدين 
جديلتها مرخية على كتفها وبسمة ساحرة تعلو وجهها 
تخيل لقاءهما وما سيذرفان من دموع 

تمرن على ما سيقوله لها أمام الجميع ، وما سيهمسه لروحها عندما يتعانقان ...

توقفت الحافله ولم يكن فيها سواه 
كانت الشمس تسرع في الهروب كما دقات قلبه سريعة من رهبة اللقاء ..
نزل وأحس بأن الشارع أضيق وأطول مما كان عليه سابقاً
شعر بأن قواه استنفذتها الطريق ...

ضوء بيتها أنار  سماءه
رائحة الخبز وصوتها تنادي الصبيه للعشاء 
أصوات كثيرة وحركة غير مألوفة خلف الأبواب 
تجمد خلف الباب، لم يجرؤ على قرعه أبدا 
بدا كأنه يقف منذ قرون 
كان طويلا أسمر اللون تبدو عليه آثار قسوة العيش، معطفٌ قديم مهترئ وشعر أشعث وعينان سُلبت منهما الحياة .. 

وقف أمامها كقدر قاسٍ، إلى أن تسللت هي من تحت ذراعه وأوقعت ما كان بين يديها، ابتلعت الصدمة وأغرورقت دنياها بالدموع ... 
لم تكن جديلتها التي عهدها، لم يرَ البسمة ولم يشتم رائحه الياسمين ...

نظر إليها طويلاً دون أن يتفوه بحرف ... 
أعاد لها منديلها وصورتها واعتذر بهدوء بارد 
اتكأ على بندقيته الصدئة كما روحه

وقع مغشياً عليه بعد خطوات ثلاث ، أو ربما أربع ...
ألقت بنفسها عليه واستحلفته بكل عزيز أن ينهض وبأنها ستشرح له 
نظر إلى السماء بحنق واستسلام .. وهمس في أذنها: تمنيت أن أرحل بين يديك بعد أن نربي أحفادنا ... 
سأرضى بأن أموت بين يديك الآن، أن أغادر فقط هذا كل ما أريد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تميم سوفت /سوريا

يا حَاديَ ... هيثم قويضي / سورية

بوح الصورة .... بقلم نبيلة طه / سوريا