قصة: حضن السماء... بقلم ناديا حرفوش/لبنان


 تائهة تسير في عمق الشارع المظلم،

وحيدة والريح الباردة تصفع روحها.
لا تعلم لم تبكي وإلى أين تمضي؟ تائهة هي وحيدة على أرصفة الحياة.
  وجهها الأبيض كنوارة وشعرها الأسود المشعث لا يخبوان من جمالها المتوهج. مهرولة لا تدرك أين تلقي هذا الكم من الحزن عن عاتقها؟!
  أصوات خطى الغرباء في ذاك الدرب لم يفزعها، لقد أفرغت الحياة منها كل شعور بالرهبة. وهي تلك الناحلة الموجوعة كانت تحملق أمامها إلى البعيد والطريق يمشي بها.
ما هَمَّها البرد الذي يقرص أطرافها بكل وحشية ما دام الجليد يسكن بعمقها،والدمع يغسل وجنتيها الشاحبتين كشمعة تذوي في ركن غرفة مظلمة.
  لن تستطيع برودة الحياة أن تمنحها وجعا أشد وطأة من لهيب قلبها، ونار لهفتها.
  كانت تتعثر تارة لتنحني إلى الأمام بكل ثقلها، وتشدّ عضد هامتها وترفعها للأعلى تارةً أخرى، وجسدها النحيل يتمرجح كنخلةٍ في وسط العاصفة. لم تكن تشعر بالتعب فهي تبحث في مدارات العتمة عن ذاتها، عن كينونتها. وتسأل السماء بعينيها الدامعتين:
-ألا أجد في خاصرتك ملاذا لوجعي؟
ضميني إليك  أيتها السماء الرحبة وقد ضاقت بي سبل الحياة.
 إلى أين أمضي وقد قام بنهش لحمي زوج أمي...!



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تميم سوفت /سوريا

يا حَاديَ ... هيثم قويضي / سورية

بوح الصورة .... بقلم نبيلة طه / سوريا