ناي من كربلاء ...نسرين بوضياف / الجزائر
أتلعثم قائلة " يا إلهي أعنِّي! مستحيل أن أبكي وسط الزحام، مستحيل أن.. أن..أبكي!"
في صوتك أحلم بوطن من الياسمين، نبرتك الهادئة، الشجية تسافر بي إلى بغداد. وكأنك ناي أمه شجرة من كربلاء.
وإذ نصمت يحل الفراغ في ثلاث جهات أما الرابعة فلا شأن لنا بها، نراقب زماننا الأول كشريط يتدلى من جفن أثقله الملح. زمان كنا نمارس فيه الحلم بلا ارتياب كأن تقص علي حلمك وتتوقف عند جزئه الثاني. لأكمِلَه مِن آخر مقطع فيه كيفمَا اتفقَ عليهِ سردُ مخيلتك من مواقف، وإذْ بنا عالِمَا رؤيا ارتوَيا عشقًا في وصف المنام.
يمر علينا زمن قرمزي ذو رائحة نتنة! يُقتَلُ فيه حلمنا قبلَ أنْ يُقَال. ولكنه حسن حظنا نجح بتعليمينا فن التخاطر!
وأميال بحجم القهر والخراب تجمعنا.
بيننا حياة ممزقة وموت ينبش الهواء مكدِّسا قتلى الحنين فوق بعضهم. ولا غربان في جغرافية القرب والبعاد لتُلَقِّن حيًّا سبيل ستر عورات أمواته.
بيننا يا وجعي المعتّق، ذكريات تغوص جذورها أعمق وأعمق باحثة عن قطرة دفء تبث روحا في غصونها المرتجفة، وعساها أن تثمر.
في كلّ رحلة تذكر يحاصرني صدى ضحكاتك الثكلى، يتبلل قميصي بدمعٍ وجدَ في صدري جبا له. ينتفض بي العويل
كمذبوح ما أُجْهِزَ عليه ليرتاح ولا أنقذَ ليتعذب أكثر!
أنتفض، أنكمش على معاناتي، وأتحسس صداك كرضيع يبحث عن ثدي أمه ليهدأ!
بيننا ليل منهك لم يكفِه سواده البائس لنزيده أسى!
وإن جمعنا الحديث ساعة واجبٍ يخلو من العاطفة؛ تسألني نفس السؤال "كيفك؟" كَمَنْ رمَى صنارة وطعمها غائب.
ويزورني تلعثمي كضيفٍ ثقيل هامسا بين جدران النفس" إياكِ والبكاء وسط الزحام".
تعليقات
إرسال تعليق