ندوب على مقامات الرخام ...Hanneh Yousef / الاردن



والليل يطاردنا بلا هوادة!
نحن السرب المتنحي عن كثافة الظلال
تجدنا في عيون الناس الذين مروا من هنا، ما زلنا  نأمل بآخر النهارات المشمسة، وننذر أنفسنا  لذؤابات الضوء إن ضلت الطريق وأنارت عتمة ساكنتنا رغما ًعنا، سنشربها ملياً، ونرتوي من قليلها قبل انقشاع  خيانتها الجلية  أمام  أعيننا، وقبل غيض  ماء   ضيائها عنا، وسنتقاسم كالأخوة كسرات الفيء والظل الشاحب، إن النهر هنا  يشرب من ذاته، وتنحسر أغانيه باكراً جداً.
نحن الغرباء بكل ما أوتينا من مفردات، فاعبروا في هواجسنا الخفيفة كالمهر الجامح، ولا تلتفتوا خلفكم أبدا لئلا تتشكلوا كالملح مثلنا، وتقفوا  كالشاهد على  الرحيل دون أن تذوبوا.
وإننا نأسى كلما مسنا الشوق، وغرز مساميره في عيوننا، ونتسرب  بشفافية الزلال بين الأيدي التي مازالت في فضاء الريح عالقة  بأخر التحية.
هذا العبور لم يكن لنا، وهذا النهر لم يحتفظ بملامحنا. وحدها الاوراق كابدت عناء النسيان بلا طائل، ووحدها  من انتظر فأعياه طول الترقب.
فبأي العناصر نتمسك بعدئذٍ؟ وهل ثمة من يقين باقٍ؟ وهذه الروح تتنازعها عاصفة جموح ابتلعت هديرها المكبوت، ونزعت منا أولى خطوات الهجاء، فما أبقت لنا سوى هذا الرمل اللاهب يحفظ ارتباك خطواتنا، ويرصد أعيننا وهي تلتفت ذات اليمين وذات الشمال دون قمر يرشدها سواء السبيل.
من هنا مرت القصائد، تجاوزت لعنة الجغرافيا وسوء طالع المكان!
نحن العابرون فوق حتمية الوقت، ندب على ممراته الشائكة فيما ألف عقدة تلتف حولنا ، وألف عام من التيه ما زال بانتظارنا.
نقف على مداخل المدن فلا ندلفها إلا غرباء، لا نحمل معنا الا ما يحمل الغريب حين سفره القسري؛ متاعاً من  قصائد  لم تكتمل، ووصايا صيغت على عجل، ومفاتيح ستصدأ قبل الرجوع
فسيفساء نحن نرتص إزاء بعضنا في لوحة فوضوية الملامح، تصلح لصلاة قديمة ترجو اكتمالاً وصعوداً نحو سماء بعيدة. حروفها مبهمة، والترانيم ليست سوى تردد حزن أزلي  ساكن في تجاويف الحناجر المشروخة.
على تلك القمة الترابيه سترنو إلى ماضيك، وسيرتد الأفق نحوك كسيراً.
ولن تحملك الخطى أبدا إلى تلك الأرض الموعودة
فاطوِ أحلامك  طي السجل، إنك  في سحيق الأماني أبد الدهر ستقيم..
ورتب حواف مرقدك بما يليق بوردة عابرة ربما نسيت اسمها فاستظلت  من هجير   المواسم وشاركتك الغناء في سرمد الرخام    .....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تميم سوفت /سوريا

يا حَاديَ ... هيثم قويضي / سورية

بوح الصورة .... بقلم نبيلة طه / سوريا