طقـــــــوس الاحــــــــــــتضار ... حيدر الزيدي / العراق
من ذرّى النّــخل الحزين..
عقدتُ وجـهك ظل القمر
وبيّ ترفلُ أنيــاب القيود
من طقوس أحتضاري والأنيـــــن
مشطتُ شعرك قنديـــلاً
قد أطفأتهُ اللحود
لم تزل شفتاك غبّ السنين
مروزاً ذابلات..
رقرقة الغصون أبداً لن تعود
في حصاد أيار منفاك
غير أن منفاك مثلك شهيد
تقطعت حزمةُ الثلج ونحن ظامئين
تكسّرت في صدرك عبّرات الهيام
ونوّمت نجوانا الصدود
ضارعة كالاشواك لاتلد سوى خرنوب
وحشة قرية لم يسبرها نذير حالوب
ولولات ناي ترشح من سقم الحنين
ألقاها الوجوم في الوادي البعيد
عيناك طائفة البنفسج المثكول
رافدان تكورا غسقاً دجين
طغى القتّـــــــام ودمدم جسمي يبــيد
من التــساع الورس بردهة القدس العتيقة
يمّر رعاف النّوى على السهوب
عذراء في ليل المناحات تتهجرين
كأنما زاغ الوشل عن أصابعك الكؤود
مطلع حسنها يقبــضه التأوه في العيون
ذكرى شباب أنتضى المجهول
وموعد ذوى في أنقاض المساء
زجلةُ وتر فارسي على اطلال تدمر
ياقوتة ٌفي خلوة النــدى تتبرجين
وفي روعان وجهك الوان تسهيد
يخدد تبّــر محياها وروّار خفــير
مطفأ لونها الوردي
نحر قمريه مدّب الدّبابير
زعزعات قرنفل مذبوح على غدير
كلهاث الضّباب على شهوة السدى تتأوهين
وفي كفيك دوالي الدمع
ينداح فيك نغــــضان عميق
كالثلل المبلول للاسى مســـــتقيد
قطعان الحمى طعـــــّام فؤادي
غرّغرّ الوجع تكــــّيتي هــب ّمن لايقين
يعوي في زقاق ساقيتين مطمورتين
تسجُر زرقة السماء دمُّيعات الغرام
خيط شفـــق كئيب توارى
خلف جدار قديم من غيوم
يرسف صداه شحوب هلال
يمامات الرّبابه انفرطت بالكاسرات الرعود
وغفى مرحك النعسان
على قارعه الاكتئاب
هل تذكرين..
ضفافه العاقرات...
صلصاله الاحمر..
وآساته الغارقات في ممر الانتحاب
كرّفرّاف يجوس شواطئ العزاء
كجثث من السنونو تكسو سيف البحر
خلى عهدك راعية الحمام تتجملين
أو غجريّة الرّيحان ترقص بجديل الخّزام
لك دنيا من قيّوح البلابل جثث تذوب
ولي كرمة مشقوقة اللمى مكلومة العناقيد
رداء أحلامي من قدك اللجين
ولفحات ألانتظار..
المشكول بين الجنادل ورجع اعصار مريد
يزخر بغمضاته..
راهب ٌ منسي في صدغ الرغود
هل تذكرين أغاني القبرات في بابل
أترّفت خُوذ البجعات العطاش
هل تذكرين فسائل صدرك تسبح بجمرات نمرود
أزح وثاق النار ياابراهيم
لاسلام في هذه الارض ولابيّاض الياسمين
قد مس الضّر أيوب
أسعف خطاك وصلي بمحراب العشق
وأرعى ألاوزات في فؤاد علي العنـــــيد
عجبا ّ أبن عروة يتبختر بصولجان الصليب
أنامله على الجلجلة تُسرح رارنجات جنين
وعلى جباة الحرس البيزنطي
فقاعات حمر من مقاهي بغداد
أقدام الغرباء تدوس الشيخ محي الدين
كأنما سار عبد الوهاب الى غرناطه
يحمل على ظهره سوط وقُرّب عصافير
وتسّول طفل عراقي وخفاش من كهوف مديّن
تزمل مغفرة المعابد في صلاة الجدود
نوحُ كروان أشرأب يزقو مقامات حطين
تغبق في حناجرنا خرائد الايائل
عقمّاء في قصر الخلافه لبنها تمائم الرمل
أعتق الشمس يوشع كسّدت يافا وأزّفت فلسطين
ضبّح الوداع وضحضحت حقائب السفر
اعتصر النهر الحزين كمنجاتك الموجعات
هش الليل سويعات الرقود
قطار عجوز يلوح بالدمعة الخضراء
فرات أرمد الضفتين مشرد على سطح تشرين
دفلى مكسورة الكحل تواري عندليبها الغريد
من بياض هامتك تحت شناشيل العذاب
تغمرني آهتي في مباكي البساتين
فتشيخ المسافات لم يبق خضل للنواعير
وفي اعالي الهديل تحدو المراعي ثاكلة الخدود
من بكاء الطفولة على مشرق الندم
عقدت قلبك زنزانة الطيور وخيال سجين
من أنقشاع الرمق الجانح الى المغيب
عقدت وجهك قنديلا قد أطفأته اللحود.
تعليقات
إرسال تعليق