حديـث التيـه... حنة يوسـف/الأردن
كيف لساعة من الزمن أن تختصر عمرا وتكثف سيرة بهذه الإتقان ؟
ساعة واحدة من الزمن فقط هي التي تفصل بينهما.
فلو زحفا على الرمل لتشابكت الأصابع وتلاقت الأعين واِلتف القلب على القلب
هي على الرمل، وهو على الرمل الاخر، وما بينهما كلمات عبر أثير الهاتف وصدى الموج الصاخب، وامتداد البحر.
قد حملا رماد القلبين ومضيا نحو سقف الكون وأبعد نقطة.
إنه الارتحال المشروع الذي كان بمقدوره أن يحمل رمادهما حتى القارة البعيدة.
فهنا الذرى أعلى والسماء فسيحة. والبحر أبكم ،سيبتلع سيرتهما، ويضعها في جوفه دون أن يعلم بها أحد
ولكنه الحنين، حين يستشري، فلا سلطة تعتقله، ولا يد تربت على أناته وهو يوقظ الحواس من غفلتها، ويجعلها في عراء ليل المكان، كائن أثيري له القدرة على النفاذ من أدق الأشواق، واوهاها خفق ، وأرهفها انصاتا
وإنه إذ يتكور على ذاته ويتحور يصبح حدسا ملموسا.
أو لهبا يشتط في أتون الاغتراب، ويغرق في ملح البحر
شمالي هذا البحر يا قلبي
أما علمت أن للبحر اتجاهات كما للريح في بلادنا ؟
كما صفعة العاصفه في ليل كانون البارد؟
ها نحن على الشطأن الغريبه تحت سماء اخرى غريبة الوجه واللسان
لا شيء يشبهنا لا خطوط الكف أو لمعة العين إذ تشرق باغترابها
كل منا يلوذ برماده ويلتحفه فوق هذه الأرض البعيدة
لا الريح لنا هنا ولا اتجاهاتها
لنا فقط عاتيات الموج، وهدير اليم
لنا انفطار القلب فوق تشققات الملوحة
هنا الصخب يشبهنا الى حد بعيد، له نفس النظرة الزائغه، ورائحة الجسد المحروق لعلنا رقصنا رقصة الميلاد، في زمن الموت
لعنلنا اشتهينا الموت في لحظة الميلاد
ولعلنا شابهنا العاصفه في رقصة الإضطراب لحظة يعصف بها الموج ويصب جنونه فوق رأسها.
وها نحن في سدول الليل، نمضغ الكلمات مضغة جائع لا يجد قوت قلبه، ونعبث بالذاكرة حتى يفقد الماء نقطة الارتكاز فيشهر تصدعاته منكفئاً إلى قلب اليم
صقيع شمالي الشمال يا قلب
فماذا أفعل بيدين من زجاج ؟
من يحمينا من هذا التكسر، ومن سيلتقط الشظايا
وأين منا هجير البلاد ساعة مجمرة الروح
يقول الصائح على مرمر الروح، والطاعم مرارها
سقط القلب مني فالتقطه
هوى خافقي فلمني إليك تجيبه
نحن أبناء السفر الطويل يا قلب
أبناء المطارات والمحطات
نحن أبناء مسارات الريح، والاتجاهات المشوشه
ها قد حططنا الرحال
كل على شاطىء غريب
نتقارب، نتدانى، يتلامس النبض، يتسارع، يأخذ حصته الكاملة من الموت ثم يفيق.
كأن ناي البعد يربط على القلب فيحكم الوثاق
والإ فما الذي بيننا الآن ويفصلنا
سوى ساعة من الزمن
لو غذينا الزحف على هدي النبض
لتعانقنا ....!!!
تعليقات
إرسال تعليق